وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المحكم، والمتشابه، إلا أنهم لا يعلمون الكيفيات التي لم يحبر بها في المحكم والمتشابه معا، وهو التأويل المنفي علمه عن غير الله (¬1)، فالتشابه أمر إضافي، فما تشابه على إنسان فلا يتشابه على آخر، أما عاقبة الأخبار والأوامر فلا يعلمها إلا الله (¬2).
وبهذا يعلم أن آيات الصفات محكمه من جهة معرفة معناها، ومتشابهة من جهة عدم علمنا بكيفيتها، على القول بأن المتشابه هو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله.
وعلى الرأي الآخر، وهو أن المتشابه يعرفه الراسخون في العلم فتكون آيات الصفات معلومة أيضا من جهة معناها، ولذا فنحن نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه، فنعلمه من وجه الإحكام والمعنى، ولا نعرفه من وجه الكيفية التي لم نخبر بها، وبناء على ما تقدم يتضح الحق في هذه المسألة التي غلطت فيها طوائف كثيرة، والله تعالى أعلم.
* * * ¬__________
(¬1) وينظر في ذلك أيضا تفسير سورة الإخلاص لابن تيمية (17/ 429359) من مجموع الفتاوى، وتفسير المنار (3/ 195).
(¬2) وبعد ذلك لا يضر أن يختار أحد التعريفات السابقة للمحكم والمتشابه التي للسلف، فأكثرها يدور حول أن المحكم ما وضح معناه، والمتشابه بخلافه.