كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

أنواع النسخ عند التابعين:
لقد أثبت التابعون أنواع النسخ الثلاثة، وهي نسخ التلاوة والحكم، ونسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم.
إلا أن النوع الأخير لم يظهر كثيرا في رواياتهم، فقلّ النقل عنهم فيه، وأكثر الأنواع التي نقلت عنهم هو نسخ الحكم مع بقاء التلاوة، ولعل سبب ما تقدم هو اتساع معنى النسخ عند التابعين.
فمما جاء عنهم في بيان نسخ التلاوة والحكم معا: ما جاء عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (¬1)، قال: كان عبيد بن عمير يقول: (ننسها): نرفعها من عندكم (¬2).
وعن السدي: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}، أما نسخها فقبضها (¬3).
وعن قتادة قال: كان ينسخ الآية بالآية بعدها، ويقرأ نبي الله صلّى الله عليه وسلم الآية، أو أكثر من ذلك، ثم تنسى وترفع (¬4).
وعن الحسن قال فيها: إن نبيكم صلّى الله عليه وسلم أقرئ قرآنا، ثم نسيه (¬5).
ومما جاء في إثبات نسخ الحكم دون التلاوة: ما جاء عن الحسن أنه قال في الآية السابقة: ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (106).
(¬2) تفسير الطبري (2/ 474) 1753، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد (9) 10، والدر المنثور (1/ 255).
(¬3) تفسير الطبري (2/ 473) 1746.
(¬4) تفسير الطبري (2/ 474) 1751، 1752.
(¬5) تفسير الطبري (2/ 475) 1754.

الصفحة 1083