كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

وقد جاء عنهم أيضا نسخ السنة بالقرآن، فمن ذلك ما جاء في تفسير قوله تعالى: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} (¬1)، فعن عطاء: كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يسمّ الشهر أياما معدودات، قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان (¬2).
وعن قتادة قال: قد كتب الله تعالى ذكره على الناس قبل أن ينزل رمضان: صوم ثلاثة أيام من كل شهر (¬3).
وفي تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (¬4)، قال ابن سيرين: إنها ناسخة لفعل النبي بالعرنيين (¬5).
أما مسألة نسخ الكتاب بالسنة فلم أجد آثارا كثيرة تدل عليها صراحة، ولكن جاء عن قتادة في قوله سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (¬6)، قال: فجعلت الوصية للوالدين والأقربين، ثم نسخ ذلك بعد ذلك، فجعل لهما نصيب مفروض، فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون، وجعل للوالدين نصيب معلوم، ولا تجوز وصية لوارث (¬7).
فآخر الأثر هو معنى الحديث المشهور «لا وصية لوارث» (¬8)، فكأنه أشار إلى النسخ
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (184).
(¬2) تفسير الطبري 3/ 414 (2727).
(¬3) تفسير الطبري (3/ 415) 2730.
(¬4) سورة المائدة: آية (33).
(¬5) وقريب من ذلك قول الحسن، ينظر الإيضاح لمكي (270)، وفتح القدير (2/ 34).
(¬6) سورة البقرة: آية (180).
(¬7) تفسير الطبري (3/ 388) 2640.
(¬8) مسند الطيالسي (169) 1317، وسنن الدارمي (2/ 419)، وسنن الترمذي (4/ 434) 2121، وسنن ابن ماجة (2/ 905) 2712.

الصفحة 1085