كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

بذلك، إلا أنه قد وردت عنه رواية أخرى قال فيها: فأمر أن يوصي لوالديه وأقربيه، ثم نسخ بعد ذلك في سورة النساء، فجعل للوالدين نصيبا معلوما، فألحق لكل ذي ميراث نصيبه منه (¬1).
فدلّ هذا الأثر الأخير صراحة على أن الناسخ عنده هو القرآن لا السنة (¬2).
وقد وجدت في تفسير قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (¬3)، قال عطاء:
منسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا يجمع بين المرأة وعمتها» الحديث (¬4).

على أي شيء يقع النسخ:
قال هبة الله بن سلامة: قال مجاهد، وسعيد بن جبير: لا يدخل النسخ إلا على الأمر والنهي فقط، افعلوا ولا تفعلوا (¬5).
يعني أن الأخبار غير قابلة للنسخ لأنها حق ثابت لا يتغير، ويخرج من ذلك الأوامر والنواهي التي جاءت بصيغة الخبر لأنها في حقيقتها أوامر لا أخبار، وإنما خرجت مخرج الخبر تأكيدا للأمر، وتثبيتا له.

المدارس التفسيرية والنسخ:
مع أن ابن عباس رضي الله عنهما يعد من أكثر الصحابة توسعا في القول
¬__________
(¬1) الناسخ والمنسوخ لقتادة (35).
(¬2) يراجع في مسألة نسخ القرآن بالسنة مجموع فتاوى شيخ الإسلام (17/ 199197)، (20/ 399396).
(¬3) سورة النساء: آية (24).
(¬4) صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، ينظر: الفتح (9/ 160) 5109، وصحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها (2/ 1028)، وسنن النسائي (6/ 96)، والسنن الكبرى للبيهقي (7/ 165)، وسنن الدارمي (2/ 136).
(¬5) الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (8)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (3)، والنسخ في القرآن لمصطفى زيد (1/ 359).

الصفحة 1086