{ثَقِفْتُمُوهُمْ} (¬1)، قال: أي حيث أدركتموهم في الحل والحرم، صارت هذه الآية منسوخة بقوله: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (¬2)، ثم نسختها آية السيف في براءة، فهي ناسخة منسوخة (¬3).
وربما تمر الآية ولا يصرح بنسخها إلا قتادة، كما في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬4)، قال قتادة: جعل عدة المطلقات ثلاث حيض، ثم نسخ منها المطلقة التي طلّقت قبل أن يدخل بها زوجها، واللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن، والحامل (¬5).
كيفية تناول التابعين للنسخ:
ليس المقصود هنا تكرار نقول عن التابعين في مسألة النسخ، وإنما المقصود هنا بيان ملامح ونكات في معرفتهم بالناسخ والمنسوخ.
فمن ذلك معرفتهم بأول الآيات التي نسخت في القرآن، فعن عكرمة والحسن قالا: أول ما نسخ من القرآن: القبلة (¬6).
ومن ذلك دقتهم في معرفة المنسوخ من الآيات من بين آيات السورة كلها.
فعن مجاهد قال: لم ينسخ من (المائدة) إلا هاتان الآيتان: {فَإِنْ جَاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (¬7)، نسختها: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (¬8)،
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (191).
(¬2) سورة البقرة: آية (191).
(¬3) تفسير عبد الرزاق (1/ 73)، وزاد المسير (1/ 199)، وتفسير البغوي (1/ 162).
(¬4) سورة البقرة: آية (228).
(¬5) تفسير الطبري (4/ 500) 4668، والدر المنثور (1/ 657).
(¬6) تفسير الطبري (3/ 138) 2158، والدر المنثور (1/ 343).
(¬7) سورة المائدة: آية (42).
(¬8) سورة المائدة: آية (49).