وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} (¬1)، نسختها: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (¬2).
وفي المقابل نجد الشعبي يقول: لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} (¬3)، ويحدد قتادة الناسخ فيقول: {آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}
نسختها براءة (¬4)، ويراها أبو ميسرة محكمة كلها فيقول: آخر سورة أنزلت سورة المائدة، وإن فيها لسبع عشرة فريضة، وفي رواية: فيها ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها، وليس فيها منسوخ (¬5).
ومن ذلك أيضا تناول مسألة النسخ مقرونة بالحكمة، ففي قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (¬6)، ينبه قتادة على حكمة النسخ فيقول: فيها تخفيف، وفيها رحمة، وفي رواية: فيها تخفيف وفيها رخصة (¬7)، ويعبر عن الحكمة في موضع آخر بعبارات لطيفة، فيقول في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (¬8): قال: ثم أنزل التخفيف واليسر، وعاد بعائدته ورحمته على ما يعلم من ضعف خلقه، فقال: {فَاتَّقُوا}
¬__________
(¬1) سورة المائدة: آية (2).
(¬2) سورة التوبة: آية (5)، والأثر أخرجه الطبري (10/ 331) 11989، ومعاني القرآن للنحاس (2/ 310)، وزاد المسير (2/ 361).
(¬3) سورة المائدة: آية (2)، والأثر أخرجه الطبري (9/ 475) 10964، وينظر زاد المسير (2/ 278)، ومعاني القرآن للنحاس (2/ 251).
(¬4) تفسير الطبري (9/ 477) 10972، وزاد المسير (2/ 278)، والدر المنثور (3/ 8).
(¬5) فضائل القرآن لأبي عبيد (129)، وكذا فيه عن الحسن، الدر المنثور (3/ 4).
(¬6) سورة البقرة: آية (106).
(¬7) تفسير الطبري (2/ 481) 1772، تفسير ابن كثير (1/ 375)، وتفسير عبد الرزاق (1/ 55).
(¬8) سورة آل عمران: آية (102).