كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

الحق سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬1).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عند هذه الآية: فجعل التابعين لهم بإحسان مشاركين لهم فيما ذكر من الرضوان والجنة، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} (¬2)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} (¬3)، وقال تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬4).
فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم. وهو خير الناس بعد الأنبياء، فإن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، وأولئك خير أمة محمد، كما ثبت في الصحاح من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (¬5)، ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله، كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك.
¬__________
(¬1) سورة التوبة: آية (100).
(¬2) سورة الأنفال: آية (75).
(¬3) سورة الحشر: آية (10).
(¬4) سورة الجمعة: آية (3).
(¬5) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد (3/ 151)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة (4/ 1964)، والترمذي في سننه، كتاب الفتن، باب ما جاء في القرن الثالث (4/ 500)، والنسائي في سننه (7/ 170)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 151).

الصفحة 11