كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

وقد أورد ابن كثير هذا القول، ثم عقب عليه بقوله: وقد أبعد النجعة، وأبطل فيما ذهب إليه، وأين هو من قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (¬1)، قال الشافعي رحمه الله: ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل (¬2).
وقد ثبتت رؤية المؤمنين لربهم عز وجل في الدار الآخرة من طرق متواترة عند أئمة الحديث، لا يمكن دفعها، ولا تأويلها، منها: ما أخرجه البخاري في صحيحه، عن جرير بن عبد الله قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال:
«إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته» الحديث (¬3)، وفي رواية عند البخاري عن جرير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم عيانا» (¬4)، ومنها ما روى مسلم في صحيحه عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجّنا من النّار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عزّ وجلّ» (¬5).
وبسنده أيضا عن صهيب وزاد (¬6). ثم تلا هذ الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى َ وَزِيَادَةٌ} (¬7) (¬8).
¬__________
(¬1) سورة المطففين: آية (15).
(¬2) تفسير ابن كثير (8/ 305).
(¬3) المرجع السابق (8/ 304).
(¬4) صحيح البخاري كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلى َ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ينظر الفتح (8/ 179).
(¬5) المرجع السابق (8/ 179).
(¬6) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى (1/ 163).
(¬7) المرجع السابق (1/ 163).
(¬8) سورة يونس: آية (26).

الصفحة 111