8 - أمثال القرآن:
امتن الله تعالى علينا بأن ضرب لنا الأمثال، فقال: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} (¬1)، وبين تعدد الأمثال في القرآن في كل وجه فقال سبحانه: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} (¬2)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} (¬3).
وليس المراد بالأمثال هو فقط ما جاء فيه لفظ المثل فإن أمثال القرآن منها ما يصرح فيه بتسميته مثلا، ومنها ما لم يصرح بذلك، وقد يكون على صيغة الخبر، أو صيغة الإنشاء (¬4).
ولأجل كثرة الأمثال القرآنية، وشمولها، وتنوعها، ودقة معانيها، وكذلك الأوامر الربانية بتدبرها، لأجل كل ذلك كانت همة التابعين منصرفة إلى استخراج المعاني من هذه الأمثال في عبارات وعظية بليغة، أو جمل علمية دقيقة، ومما لاحظته على منهج التابعين في تناول الأمثال ما يلي:
1 - قلّ أن يتعرض التابعون للتفصيل في بيان المثل إذا ورد في الآية آثار مرفوعة، سيرا على طريقتهم في تقديم المرفوع على الرأي دائما.
فمن ذلك تفسيرهم لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (¬5)، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الشجرة هي
¬__________
(¬1) سورة إبراهيم: آية (45).
(¬2) سورة الروم: آية (58).
(¬3) سورة الإسراء: آية (89).
(¬4) يراجع في أمثال القرآن: مجموع الفتاوى (14/ 6754)، والبرهان (1/ 486)، والإتقان (2/ 167)، والزيادة والإحسان (2/ 832)، النوع (138)، تحقيق: مصلح السامدي.
(¬5) سورة إبراهيم: آية (24).