كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

قال ابن عبد البر في تعليقه على هذا الحديث: والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا، فإن قيل: فقد روى سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد في قول الله عز وجل:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} قال: حسنة، {إِلى َ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} قال: تنتظر الثواب، ذكره وكيع، وغيره عن سفيان فالجواب: قول مجاهد: هذا مردود بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة، وجمهور السلف، وهو قول عند أهل السنة مهجور، والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وليس من العلماء أحد إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجاهد وإن كان أحد المقدمين في العلم بتأويل القرآن فإن قوله هذا مهجور غير مرغوب فيه عند العلماء (¬1).
وقد اعتذر له ابن حزم بعدم بلوغ الخبر إليه (¬2)، والله أعلم.
ومما ورد عنه في مسألة الرؤية تفسيره لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى َ وَزِيَادَةٌ} (¬3) فقد روى ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى َ} مثلها حسنى، وزيادة: مغفرة ورضوان (¬4). وهذه الرواية جاءت من طريق ابن أبي نجيح، وابن أبي نجيح وإن كان من الأئمة الثقات كما قال الذهبي (¬5) إلا إنه كان
¬__________
(¬1) التمهيد (7/ 157).
(¬2) الفصل في الملل (3/ 2).
(¬3) سورة يونس: آية (26).
(¬4) تفسير الطبري، (15/ 70) 17640، وتفسير مجاهد (293)، وأورد البخاري في صحيحه هذه الرواية معلقة عن مجاهد، في كتاب التفسير، تفسير سورة يونس (5/ 211)، وأشار ابن حجر في الفتح إلى وصلها من طريق الفريابي وعبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح، الفتح (8/ 347)، وأوردها السيوطي في الدر وعزاها إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد به (4/ 359)، وتفسير الماوردي (2/ 433)، وتفسير البغوي (2/ 351)، والبحر المحيط (5/ 146)، وزاد المسير (4/ 25)، وتفسير القرطبي (8/ 211).
(¬5) الميزان (2/ 515).

الصفحة 112