الأمثال القرآنية، ومقارنتها بما جاء عن الصحابة وأتباع التابعين، والإحالة لمصادرها، علما أنني بحمد الله جمعت جلّ ما يتعلق بهذا البحث من تفسيري الطبري، والسيوطي، ومما يلاحظ أن الطبري رحمه الله لم يستوف كل الروايات عن التابعين في ذلك، وقد أتى السيوطي في الدر المنثور على جملة صالحة من ذلك، وطلبا للاختصار سأكتفي بعرض بعض الأمثلة، التي يظهر من خلالها الفرق بين شرح التابعين للمثل، وشرح غيرهم.
فعند تفسير قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} (¬1)، جاء تفسير هذا المثل عن أئمة التابعين بطرق مختلفة في كيفية تناولهم للمثل، فجاء تفسير المثل عن مجاهد بعبارة قصيرة، اقتصر فيها على شرح المفردات، مع تعدد الروايات عنه، ومنها أنه قال: إضاءة البرق، وإظلامه على نحو ذلك المثل (¬2).
وبنحو هذا الاختصار قال عطاء: مثل ضرب للكفار (¬3).
ومع طول الرواية الواردة عن ابن عباس فيه (¬4)، فقد جاءت عبارة صغار التابعين أطول، وأجمل، فعن الربيع أنه قال: مثلهم كقوم ساروا ليلة مظلمة، ولها مطر، ورعد، وبرق، على جادة، فلما أبرقت أبصروا الجادة فمضوا فيها، وإذا ذهب البرق تحيّروا، وكذلك المنافق، كلما تكلم بكلمة الإخلاص أضاء له، فإذا شك تحيّر ووقع في
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (19، 20).
(¬2) تفسير الطبري (1/ 349) 455، 456، 457.
(¬3) تفسير الطبري (1/ 351) 464.
(¬4) تفسير الطبري (1/ 348، 349) 453، 454.