كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

الظلمة، فكذلك قوله: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}، ثم قال في أسماعهم وأبصارهم التي عاشوا بها في الناس: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} (¬1).
وأما قتادة فكانت عبارته أيضا طويلة، وهي أفصح، وأبلغ أثرا في نفوس السامعين من عبارة غيره، فقد ورد عنه أنه قال في المنافق إذا رأى الإسلام رخاء، أو طمأنينة، أو سلوة من عيش قال: أنا معكم، وأنا منكم، وإذا أصابته شديدة حقحق والله عنها، فانقطع به، فلم يصبر على بلائها، ولم يحتسب أجرها، ولم يرج عاقبتها (¬2).
وفي رواية عنه قال: أجبن قوم، لا يسمعون شيئا إلا ظنوا أنهم هالكون فيه حذرا من الموت، والله محيط بالكافرين.
ثم ضرب لهم مثلا آخر فقال: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}، يقول: هذا المنافق إذا كثر ماله، وكثرت ماشيته، وأصابته عافية قال: لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلا خير، {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا}، يقول: وإذا ذهبت أموالهم، وهلكت مواشيهم، وأصابهم البلاء قاموا متحيرين (¬3).
وإذا أردنا أن نتعرف على كيفية تناول أتباع التابعين للمثل نجدها لا تختلف عن حال التابعين، فأكثرهم فسره بعبارة قصيرة، مثل الضحاك الذي قال: أما الظلمات
¬__________
(¬1) تفسير الطبري (1/ 350) 460.
(¬2) تفسير الطبري (1/ 350) 458.
والحقحقة: أرفع السير وأتبعه للظهر، ينظر: مختار الصحاح (147)، وغريب الحديث لابن عبيد القاسم بن سلام (4/ 388).
(¬3) تفسير الطبري (1/ 350) 459.

الصفحة 1121