خيرا، ولم يعمل فيه بطاعة الله، قال الله تعالى ذكره: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً}
فهذا المؤمن أعطاه الله مالا، فعمل فيه بطاعة الله، وأخذ بالشكر، ومعرفة حق الله، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة، قال الله تعالى ذكره: {هَلْ يَسْتَوُونَ}، لا والله ما يستويان {الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1).
ولم يرد عن قتادة في المثل الآخر شيء في تفسير الطبري.
وفي تفسير قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلى َ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} (¬2)، شرحه السدي باختصار فقال: وكنتم على شفا حفرة من النار وأنقذكم منها محمد صلى الله عليه وسلم، يقول: كنتم على طرف النار من مات منكم أو بقي في النار، فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فاستنقذكم من تلك الحفرة (¬3).
واختصر الربيع في شرحه أيضا فقال: كنتم على الكفر بالله فأنقذكم منها، من ذلك، وهداكم إلى الإسلام (¬4).
وأما قتادة فقد توسع في شرحه مع عبارة بليغة، وعظيمة فصيحة، فقال: كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا، وأجوعه بطونا، مكعومين (¬5) على رأس حجر بين الأسدين، فارس والروم، لا والله ما في بلائهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات ردي في
¬__________
(¬1) تفسير الطبري (14/ 149)، وتفسير عبد الرزاق (2/ 359)، ومعاني القرآن للنحاس (4/ 91)، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة بنحوه (5/ 150).
(¬2) سورة آل عمران: آية (103).
(¬3) تفسير الطبري (7/ 88) 7593، وفتح القدير (1/ 369).
(¬4) تفسير الطبري (7/ 88) 7592.
(¬5) كعمه الخوف فهو مكعوم: أمسك فاه، ومنعه من النطق، ينظر مجمل اللغة (3/ 786).