9 - إقسام القرآن:
الأصل أن القسم بالشيء تعظيم له، ولذا فليس للإنسان أن يقسم بأحد إلا بالله سبحانه، والله سبحانه يقسم بمن يشاء من خلقه، ليبين لنا بذلك عظم المقسم به (¬1).
قال الحسن: إن الله يقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله (¬2).
والأقسام التي في القرآن عامتها بالذوات الفاعلة، وغير الفاعلة، يقسم بنفس الفعل كقوله: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً} (¬3)، وكقوله: {وَالنَّازِعَاتِ} (¬4)، {وَالْمُرْسَلَاتِ} (¬5)، ونحو ذلك، وهو سبحانه تارة يقسم بنفس المخلوقات، وتارة بربها وخالقها، كقوله: {فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (¬6)، وكقوله: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى َ} (¬7)، وتارة يقسم بها وبربها (¬8).
فأما الأمور المشهودة الظاهرة كالشمس، والقمر، والليل، والنهار، والسماء، والأرض، فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها، وما أقسم عليه الرب عز وجل فهو من آياته، فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس (¬9).
وهو سبحانه يذكر جواب القسم تارة وهو الغالب، وتارة يحذفه لظهوره ووضوحه، أو لتهويله وتعظيمه، وقد اعتنى التابعون بتفسير إقسام القرآن وبيان المراد
¬__________
(¬1) ينظر تيسير العزيز الحميد ص (461).
(¬2) الإتقان (2/ 170).
(¬3) سورة الصافات: الآيات (31).
(¬4) سورة النازعات: آية (1).
(¬5) سورة المرسلات: آية (1).
(¬6) سورة الذاريات: آية (23).
(¬7) سورة الليل: آية (3).
(¬8) مجموع الفتاوى (16/ 228، 229).
(¬9) مجموع الفتاوى (13/ 315).