كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

وفي جواب قسم قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشى َ} (¬1)، وما بعده من الأقسام، قال قتادة: وقع القسم هاهنا: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} (¬2).
وفي جواب قسم قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ} (¬3)، وما بعدها، قال قتادة: وقع القسم هاهنا: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (¬4).

10 - علم المناسبات:
المقصود بعلم المناسبات، هو الفن الذي يبحث في تناسب آي القرآن بعضها لبعض، وتناسب السور، ومناسبة الآية لموضوع السورة، ونحو ذلك، وقد أكثر المفسّر فخر الدين من ذلك، فقال في تفسيره: أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات، والروابط (¬5).
وقد قال ابن العربي في سراج المريدين: ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني، منتظمة المباني، علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله لنا فيه، فلم نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة، ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه إليه (¬6).
فقد ذكر هنا ابن العربي ما معناه أن هذا العلم لم يتكلم فيه المفسرون الأوائل، فإن كان المقصد جمعه لكل الآيات في سورة، وبيان مناسبة هذه لتلك فمسلّم، وإن كان المقصود أنه لم يشر إليه أحد من السلف، فغير صحيح، فقد وجدت عدة روايات عن
¬__________
(¬1) سورة الليل: آية (1).
(¬2) سورة الليل: آية (4)، والأثر في تفسير الطبري (30/ 218)، وينظر الدر المنثور (8/ 534).
(¬3) سورة التين: الآيتان (1، 2).
(¬4) سورة التين: آية (4)، والأثر في تفسير الطبري (30/ 242)، والدر المنثور (8/ 554).
(¬5) الإتقان (2/ 138).
(¬6) البرهان (1/ 36)، والإتقان (2/ 138).

الصفحة 1134