كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

قال قتادة: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ} يعني: قوم محمد، ثم قال: {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}، يعني النبيين الذي قصّ قبل هذه الآية قصصهم، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (¬1).
ولما كان هذا تفسيرا للآية مع ملاحظة ترابطها بما قبلها، وما بعدها يعني في ذكر النبيين نجد أن الطبري رجح قول قتادة هذا، وقال معللا: وذلك أن الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى، وفي التي بعدها عنهم ذكر، فما بينها أن يكون خبرا عنهم أولى وأحق من أن يكون خبرا عن غيرهم (¬2).
ومن ملاحظة السياق في التفسير ما جاء في قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} (¬3) الآيات، فقد ورد عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي أنها نزلت في قوم آمنوا بالنبي، ثم ارتدوا (¬4)، ولكن الحسن رحمه الله لاحظ أن الآيات قبلها في أهل الكتاب، وميثاق النبيين وغير ذلك، فربط هذه بتلك، فقال في تفسيرها: هم أهل الكتاب، كانوا يجحدون محمدا صلّى الله عليه وسلم في كتابهم، ويستفتحون به، فكفروا بعد إيمانهم.
ومال الطبري إليه، إلا أنه هاب مخالفة الأكثر الأعلم بتأويل القرآن، فاستجاز أن تكون الآيات نزلت في القوم المرتدين، فجمع الله قصتهم وقصة من كان سبيله مثلهم، فتكون الآية عامة (¬5).
¬__________
(¬1) سورة الأنعام: آية (90)، والأثر أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 213)، وذكره النحاس في معاني القرآن (2/ 455).
(¬2) تفسير الطبري (11/ 518).
(¬3) سورة آل عمران: الآيات (8986).
(¬4) تفسير الطبري (6/ 575) 7371، والدر المنثور (2/ 257)، وفتح القدير (1/ 359، 360).
(¬5) تفسير الطبري (6/ 575، 576)، والدر المنثور (2/ 258)، وفتح القدير (1/ 359).

الصفحة 1136