كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

{بِالْعِبَادِ} (¬1)، فيقول: من رأفته بهم أن حذرهم نفسه (¬2).
وجاء عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (¬3)، قال: (الرحيم): رحيم بهم بعد التوبة (¬4).
وحكي أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم)، ولم يكن يقرأ القرآن فقال: إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا، الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه (¬5).
ولأجل ذا لما تعرض الربيع إلى تفسير هذه الآية: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬6)، قال: عزيز في نقمته، حكيم في أمره (¬7).
فقد لاحظ الربيع ارتباط العزة والحكمة بما وقع منهم من الزلل.
ومن ذلك ما جاء عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬8)، قال: العزيز في انتصاره ممن كفر به إذا شاء، والحكيم في عذره وحجته إلى عباده (¬9).
ويبين عطاء بن دينار فرقا دقيقا من أساليب الحصر والقصر في تفسير قوله
¬__________
(¬1) سورة آل عمران: آية (30).
(¬2) تفسير الطبري (6/ 321) 6844، وفتح القدير (1/ 333).
(¬3) سورة البقرة: آية (37).
(¬4) تفسير ابن أبي حاتم (1/ 137) 419.
(¬5) الإتقان (2/ 129).
(¬6) سورة البقرة: آية (209).
(¬7) تفسير الطبري (4/ 260) 4031، وأورد هذا المعنى بلفظه السيوطي في الدر عن أبي العالية، وعزاه إلى ابن أبي حاتم به، وينظر الدر في الصفحات (1/ 335)، و (1/ 579)، و (2/ 144).
(¬8) سورة آل عمران: آية (6).
(¬9) تفسير الطبري (6/ 169) 6571.

الصفحة 1140