تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬1)، فيقول: الحمد لله الذي قال: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، ولم يقل: (الظالمون هم الكافرون) (¬2).
فهذا الفهم الدقيق يبين أنه لو كانت الآية: والظالمون هم الكافرون لكان أكثر الناس قد كفروا لأن أكثر الناس قد ظلموا.
11 - المصاحف والأداء:
سبق في مبحث منهج التابعين في القراءات أن جمع المصحف في كتاب واحد كان في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال الخطابي: إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه، أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر (¬3).
وقد أخرج ابن أبي داود من طريق الحسن أن عمر سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان قتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، وأمر بجمع القرآن، فكان أول من جمعه في المصحف (¬4).
وهذا يحمل على أنه أشار بجمعه، ولما وقع الاختلاف بين الناس، وفق الله عثمان رضي الله عنه أن يأمر بتحويله إلى المصاحف، على القراءة الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلغاء ما ليس كذلك (¬5).
وأما من جمع القرآن في صدره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت روايات عن التابعين تسمية أربعة منهم، أو ستة، ففي صحيح البخاري عن قتادة قال: سألت أنس ابن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعة كلهم من الأنصار:
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (254).
(¬2) تفسير الطبري (5/ 385) 5762.
(¬3) البرهان (1/ 235)، والإتقان (1/ 76).
(¬4) الإتقان (1/ 77).
(¬5) البرهان (1/ 235)، والإتقان (1/ 79).