كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

ثانيا: أسباب النزول:
لم يعتن مجاهد رحمه الله بهذا النوع من علوم القرآن عناية غيره به (¬1)، بل إن من المعالم البارزة في تفسيره ميله إلى القول بعموم معنى الآية في كثير من تأويلاته.
فعند قوله سبحانه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (¬2).
قال: أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر (¬3).
وعند قوله جل ثناؤه: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} (¬4)، قال: في نكاح الأمة، وفي كل شيء فيه يسر (¬5).
وعند قوله تعالى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (¬6)، قال القاسم بن أبي بزة (¬7)، أمرني مجاهد أن أسأل عكرمة عنها، فقال عكرمة: هو الخصاء، فأخبرت مجاهدا، فقال أخطأ {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} دين الله (¬8).
وعند قوله سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ}
¬__________
(¬1) يعد من أقل مفسري التابعين اعتمادا على أسباب النزول، فقد بلغ نسبة اعتماده على أسباب النزول (05، 0) فقط من مجموع تفسيره، في حين كانت عند محمد بن كعب القرظي (17، 00) من مجموع تفسيره، وعن عكرمة (14، 0)، وعن عامر الشعبي (13، 0)، وعن السدي (11، 0)، وعن سعيد بن جبير وقتادة (07، 0).
(¬2) سورة الروم: آية (41).
(¬3) تفسير الطبري (4/ 240) 3985، وتفسير ابن عطية (12/ 265)، وتفسير القرطبي (14/ 28).
(¬4) سورة النساء: آية (28).
(¬5) تفسير الطبري (8/ 215) 9135، وتفسير ابن عطية (4/ 90)، وتفسير القرطبي (5/ 98).
(¬6) سورة النساء: آية (119).
(¬7) القاسم بن أبي بزة: المكي، مولى بني مخزوم، القارئ، ثقة من الخامسة، روى عن مجاهد.
التقريب (449)، والخلاصة (311).
(¬8) تفسير عبد الرزاق (1/ 173)، وتفسير الطبري (9/ 216) 10455.

الصفحة 115