كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

{مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (¬1).
قال ابن جرير الطبري: اختلف أهل التأويل في الإنسان الذي قال فيه الله جلّ ثناؤه {إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} هو إنسان بعينه، أم أريد به المثل لمن فعل الشيطان ذلك به؟ ثم ساق رحمه الله عن علي، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم وعن طاوس أن المراد بذلك إنسان بعينه، وذكر الروايات عنهم (¬2).
وانفرد بإيراد الأثر عن مجاهد، أن المراد الناس كلهم، فعن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: عامّة الناس (¬3).

ثالثا: تأويله لمشكل القرآن:
هو من أكثر التابعين تعرضا لحل ما أشكل وبيان ما غمض من القرآن (¬4) فكان رحمه الله كلما عرضت له مشكلة تفسيرية سعى في كشف مشكلها وإيراد المعنى الصحيح الموضح لتأويلها، فمن ذلك ما ورد عنه في تفسير قوله سبحانه: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (¬5).
قال مجاهد: يريد إن كان لله ولد في قولكم، فأنا أول من عبد الله ووحده،
¬__________
(¬1) سورة الحشر: آية (16).
(¬2) تفسير الطبري (28/ 5149).
(¬3) المرجع السابق (28/ 51)، وتفسير الماوردي (5/ 509)، وزاد المسير (8/ 219). وعند المقارنة بين مجاهد، وقتادة، وهما من أكثر التابعين تعرضا للتفسير، نجد أن مجاهدا بعد مراجعة تفسير الطبري قال بعموم معنى الآية صريحا في أكثر من (60) موضعا، بينما ورد هذا عن قتادة في (30) موضعا فقط.
(¬4) وذلك من خلال مراجعة كتاب ابن قتيبة تأويل مشكل القرآن، فقد روى عن مجاهد في أكثر من عشرين موضعا، وعن الحسن في أربعة مواضع، وعن قتادة وابن جبير في موضعين.
(¬5) سورة الزخرف: آية (81).

الصفحة 116