كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

الخاتمة
والآن وبعد هذا العيش مع عصر التابعين، وبعد هذه الجولة في تفسيرهم، ومعرفة أشهر رجاله، والاطلاع على مناهجهم واتجاهاتهم، ومدارسهم، وخصائصها، يحسن بي أن ألخص أهم الثمار التي جنيتها وأبرز النتائج التي توصلت إليها.
إن طبيعة البحث في مثل هذا الموضوع أمر ليس بالهين، وإن جمع شتات عصر كامل من بين أوراق ومجلدات جهد غير سهل، وأحسب أن مثل هذا العمل، وهذه الدراسة المقارنة تحتاج إلى جهود علمية كبيرة، وأشعر أن بحثي هذا أس في بناء، ونبتة تستوجب العناية للنماء، وبداية تستوجب الرعاية.
إنه محاولة لبيان منهج وأسلوب، ليس جديدا، وإنما هو عميق ومفيد، ألا وهو منهج المقارنة، والذي لم يخض غماره وخاصة في التفسير إلا القليل من الباحثين.
وحسبي أني شاركت وسرت خلف ركاب النجب ذا عرج، سائلا الله أن يقوّم ما بي من عوج، لأتشبه بالكرام لعلي أفلح، وأحب الصالحين وأسأل الله أن يجعلني منهم، ويرزقني الإخلاص في القول والعمل.
لقد عشت في بحثي هذا خمس سنين، لم أكلّ، ولم أملّ، جمعت ورتبت، وأضفت وحذفت، ودرست وقارنت، اطلعت على علوم كثيرة، وبحوث عديدة، وعشت بوجداني مع هذا البحث، حتى لازمني ليلا ونهارا، وحضرا وسفرا، بل لا أكون قد بالغت إن قلت: ويقظة ونوما.
وإنني أحمد الله وحده الذي بفضله تتم الصالحات، فإني ما مررت بمبحث إلا وقد
طالعت فيه ما أكسبني علما جديدا، ومعرفة أخرى، وهذا من مزايا هذه البحوث العلمية المتخصصة، والمراجع لهذه الرسالة يجد بحمد الله جملة أحسبها طيبة من النتائج التي لم أعثر عليها عند من سبقني إليها، ويعلم الله وحده كم كلفني ذلك من جهد ووقت وكدّ ذهن، ومقارنة ونظر وتأمل، ومتابعة وتدقيق، أسأل الله عز وجل أن تكون خالصة صوابا.

الصفحة 1167