وأما المدرسة الكوفية فقد غلب عليها التفسير الفقهي إن صحت التسمية، فاهتمت بآيات الأحكام وما يتعلق بها من حلال، وحرام، وفرض، وأمر، ونهي، ونحو ذلك، وكان من المتأخرين من جمع في تفسيره جملة كبيرة من هذا، بل إن القرطبي سمى تفسيره بالجامع لأحكام القرآن. وأحجمت ثالثة، وتركت هذا كله، وانشغلت بالرواية المسندة المرفوعة، أو الموقوفة، ولم تتعداها إلا في القليل والذي يكاد يكون كله في آيات الأحكام، كالمدرسة المدنية، ومن المفسرين المتأخرين من جمع شيئا من ذلك كالسيوطي في خاتمة كتابه الإتقان.
فليست مناهج اليوم واتجاهاته بدعا جديدا من المناهج، بل هي في أصولها ترجع لمدارس التابعين، فمناهج مدارس التابعين تجاوزت زمانهم وامتدت بظلالها إلى أزمنة كثيرة جاءت بعد ذلك، فالمشرب واحد، والمناهج متأصلة، والدراسة متقاربة.
* بقيت بعض النتائج المتعلقة بالمدارس كالخصائص العامة لكل مدرسة، رأيت أن أذكرها عند ذكر أئمة كل مدرسة في عرض النتائج المتعلقة بأئمة التفسير من التابعين.
2 - أئمة التفسير:
لقد خرجت من بحثي هذا بنتائج عامة وخاصة فيما يتعلق بأئمة التفسير.
فأما النتائج العامة، فقد لاحظت مدى التأثير البيئي على المفسرين من التابعين.
* فالبيئة أو البقعة التي كان فيها قليل من الصحابة، كان هذا له أثر معاكس في انتشار علم المفسرين من التابعين، فالتابعون في المدرسة المكية والمدرسة البصرية كان نتاجهم التفسيري أكثر من التابعين المنتسبين للمدرسة الكوفية والمدنية.
ولا يرد على هذا قلة المروي عن أصحاب ابن مسعود الملازمين له إذ يعتبرون من أقل التابعين آثارا في العلم عامة، وفي التفسير خاصة لأن سبب ذلك يرجع إلى تقدم وفاتهم، فقد عاشوا في طبقة متقدمة، وماتوا بين الستين والسبعين، لذا نسب علمهم
إلى من حمله عنهم كإبراهيم النخعي وعامر الشعبي وغيرهما.