كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

ولا يرد على هذا قلة المروي عن أصحاب ابن مسعود الملازمين له إذ يعتبرون من أقل التابعين آثارا في العلم عامة، وفي التفسير خاصة لأن سبب ذلك يرجع إلى تقدم وفاتهم، فقد عاشوا في طبقة متقدمة، وماتوا بين الستين والسبعين، لذا نسب علمهم
إلى من حمله عنهم كإبراهيم النخعي وعامر الشعبي وغيرهما.
* ومن آثار التأثير البيئي أيضا: انشغال أهل كل ناحية بما يتردد عندهم، وينشغل به عامة أهلها، فأهل المدينة كان أثرهم في الجانب الروائي واضحا، ولا سيما في القراءة حيث قلت عندهم القراءة الشاذة لأن المصاحف كتبت بالمدينة، وكذلك في السير لأنها كانت عندهم.
وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد، فكان لهم من العلم بمسائل وآيات الجهاد ما ليس لغيرهم.
وتميز المكيون بالعلم بمسائل الحج والمناسك، ولا سيما عطاء.
وقد أثرت البيئة أيضا في بعض الاتجاهات، فرمي قتادة والحسن بالقدر، وكان الانحراف في مسائله متفشيا في البصرة، وكان السدي عنده شيء من التشيع، وهو مذهب الشعبي، قبل أن يرجع عنه، بل فشا التشيع في الكوفة حتى عم بعضا من رواة الأحاديث كما سبق بيانه.
وأما النتائج الخاصة التي تتعلق بأئمة التفسير، فيمكن إجمالها في النقاط الآتية:

أالتأثر بالشيوخ:
* كلما كانت مصادر التلميذ كثيرة، وتعدد شيوخه، كان تقيده بمنهج مدرسته أقل.
فمجاهد وعكرمة كان أخذهم وعنايتهم بابن عباس أكثر، ولذا التزموا بمنهجه في التفسير.
بخلاف سعيد بن جبير، وعطاء، وهما من نفس المدرسة لأنهما أخذا عن ابن عباس، وعن ابن عمر رضي الله عن الجميع، وعن المدنيين، ولذا تأثروا بهم فكان
اتباعهم للمنهج المكي أقل.

الصفحة 1172