كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

إقدامهم على الاجتهاد، في حين كانت مخالفة الحسن بسبب غلبة الوعظ عليه، وحرصه على تنزيه الأنبياء والملائكة، لذا لم يكن يرى أن ابن نوح هو ابنه لصلبه، وكذا والد إبراهيم، وأنكر أن يكون إبليس من الملائكة، ونحو ذلك كما تقدم تفصيله، وفي المقابل فإننا نجد من لم يتخصص في التفسير، أقلهم مخالفة للظاهر، وتعرضا للمشكل، كما اتضح ذلك عند الشعبي وعطاء.

هـ اللغة وعبارة التفسير:
لقد لاحظت كذلك اختلاف عبارات التفسير بين المفسرين، واختلاف تناولهم للغة، فقد فاق البصريون ولا سيما الحسن وقتادة التابعين في ذلك، وكان قتادة أقدرهم على استعمال اللغة، ولا سيما أنه عربي قحّ، وأما الحسن فقد اعتنى بالغريب والفصيح أكثر من غيره، وهو أحسنهم وأجملهم عبارة في التفسير، وأبلغهم في التأثير بها لأجل غلبة الوعظ عليه.
في حين كانت عبارات مجاهد متميزة بأنها أخصر عباراتهم على كثرة ما يروى عنه في التفسير.

والعناية بتفسيرهم ونشره:
لقد لاحظت كذلك أن من أسباب نشر علم التابعين أو عدم نشره، هو أن منهم من كان إمام عامة وخاصة، يتصدر ويستفتى وحلقته عامرة، فكثر النقل عنه، ولذا كانت روايات مجاهد أكثر ما ورد في التفسير، وبعده قتادة (بدون المكرر)، ثم الحسن، ثم سعيد، ثم عكرمة.
في حين لم يكن لأبي العالية أصحاب ينقلون علمه لكراهيته التصدر والحضور، فكان من يحضر مجلسه قليلا.
وهناك عدة أسباب أخرى سبق بحثها بالتفصيل فيما سبق.

الصفحة 1176