كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

أما منهج التابعين في آيات الأحكام، فقد تبين لي فيه أن التابعين لم يكونوا على منهج واحد في تناوله، فمنهم مكثر ومنهم مقلّ، كما أن منهم من كان يرى إعمال المنطوق والمفهوم، ومنهم من كان يعتمد على ظاهر القرآن وعموم الآية.
وعموما قد لاحظت التساهل عند المكيين، واهتمام سعيد بن المسيب بمسائل الطلاق، واهتمام إبراهيم بالآيات المتعلقة بالصلاة، وتقارب مدرستي الكوفة ومكة في تلك التفاسير.

4 - قيمة وأثر تفسير التابعين:
* مما أسفرت عنه دراستي هذه أن التفسير المأثور والذي يعد الركيزة الأولى الأساسية لما جاء بعد من تفاسير كان جله عن التابعين، بل إن مجموع ما روي عن مشهوري المفسرين منهم فاق المروي عن مشهوري المفسرين الصحابة.
كما أن أكثر مدارس التابعين إنتاجا هي المدرسة المكية، ويليها في الأثر الواقعي المدرسة البصرية، لا الكوفية.
وقد اهتم المفسرون بهاتين المدرستين، فجمع ابن عيينة تفسير المكيين، وكذلك فعل الثوري، في حين جمع عبد الرزاق تفسير البصريين.
* وقد ظهر لي أهمية كتاب فتح الباري كمصدر من مصادر التفسير الذي أحسب أنه يضاهي الدر المنثور، بل ويفوقه في بعض الجوانب، فكم من مسألة حققها الحافظ، وكم من تفاسير قد فقدت جمع أقوالها ورتبها رحمه الله رحمه واسعة.
* كما تبين لي أن تفسير التابعين كان في جملته أصح وأكثر طرقا وأقوى إسنادا، وقد بحثت طرق تفسير كل إمام، وبينت حكم المشهور من تلك الطرق.
* بينت أن الاختلاف بين التابعين كان من باب اختلاف التنوع، وأن ما كان منه من
اختلاف التضاد كان قليلا، ومع قلته وندرته لم يكن من باب الاختلاف العقدي والمذهبي.

الصفحة 1179