كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

رابعا: موقفه من النسخ:
كان رحمه الله من أكثر التابعين تضييقا لدائرة النسخ، فلم ير التوسع فيه، فنجده كثيرا ما يشير إلى إحكام الآية، وإعمال نصها وعدم نسخها، بخلاف منهج غيره من معاصريه (¬1).
وكان يقصر النسخ في كثير من الأحيان على آيات الأمر والنهي فقط (¬2).
وقد تنوع مفهوم النسخ عنده، فعند تأويل قوله سبحانه: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (¬3)
قال: نزيل حكمها، ونثبت خطها (¬4)، وكأنه بذلك يشير إلى ما تغير حكمه، وثبت خطه في المصحف، أي: نسخ الحكم، وبقاء التلاوة، وأشار إلى نوع آخر عند تفسير قوله سبحانه: {أَوْ نُنْسِهَا} (¬5) فقال: نرجئها ونؤخرها (¬6)، وكأنه بذلك يشير إلى منسوخ
¬__________
14337، 14755، 14756، 14757، 15102، 15103، 15104، 15105، (28/ 64)، (28/ 168)، (29/ 71)، (29/ 91)، (29/ 184)، (29/ 210)، (30/ 56)، (30/ 177)، و (30/ 249).
(¬1) بعد مراجعة كتاب الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس، وكتاب الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي، وجدت أن مجاهدا من أكثر التابعين قولا بإحكام آيات القرآن، وعند المقارنة بينهم يظهر الفرق، فمثلا: المروي عن ابن عباس رضي الله عنه القول بنسخ (38) آية، وإحكام (3) آيات، وعن قتادة رحمه الله القول بنسخ (33) آية وإحكام (8) آيات، وأما مجاهد رحمه الله فروي عنه القول بنسخ (5) آيات وإحكام (31) آية، ويأتي لذلك مزيد بحث، عند الحديث عن أثرهم في أصول التفسير.
ينظر الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس في الصفحات التالية: 17، 34، 36، 85، 89، 104، 115، 118، 125، 129، 143، 144وغيرهما.
(¬2) الناسخ والمنسوخ لابن سلام (8)، والنسخ في القرآن د. مصطفى زيد (1/ 359).
(¬3) سورة البقرة: آية (106).
(¬4) أخرجه أبو جعفر النحاس في الناسخ بسنده عن مجاهد به (7)، وابن جرير في تفسيره (2/ 473) 1749، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 322) 1062.
(¬5) سورة البقرة: آية (106).
(¬6) تفسير الطبري (2/ 477) 1765، وتفسير ابن كثير (1/ 216).

الصفحة 118