كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

المرحلة الثالثة:
لما انتهيت من الجمع، والتصنيف، بدأت بكتب التراجم والتواريخ والعلل، ومعرفة الرجال، وطالعت جلها قدر استطاعتي، فأحفاني وأجهدني التتبع والتنقيب حرصا على الاستعانة بأقوال الأئمة والاستئناس بآرائهم لمعرفة بعض مناهج الرجال وأحوالهم.

المرحلة الرابعة:
وهي مرحلة الموازنة والمقارنة، فبعد الانتهاء من المراحل السابقة اجتمع لي الشيء الكثير الطيب، فاستعنت بالله، وبدأت في المقارنة حيث اقتضى مني ذلك أن أوازن بين تفسير كل إمام وآخر، وقد كان العمل في ذلك شاقا وممتعا في الوقت نفسه، ويحسن بي أن أورد شيئا منه: فقد عمدت إلى كل تابعي، وقارنت نسب ما أحصيته في كل نوع من الأنواع المذكورة في المرحلة الثانية مع نسب المروي عن التابعي الآخر، فتحصل عندي ميزان راجح، ونتائج دقيقة عن معالم تفسير كل تابعي.
وبعد الانتهاء من المقارنة بين مشاهير التابعين، حرصت على إتمام ذلك أيضا بالنسبة للمدارس حيث أسندت تفسير كل تابعي إلى مدرسته، فتجمع لدي في كل مدرسة عدة أئمة يشكلون ملامح تلك المدرسة، ثم قمت بعد ذلك بالعمل نفسه، من حيث نسبة رواية كل مدرسة، وبروزها، وبأي نوع كان؟ ومصادرها، وفي أي الأبواب كانت عنايتها؟ والحق أني حسبت الأمر سهلا، إلا إنه كان غير ذلك، ويمكن تلخيص الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث في عدة نقاط:
1 - جدة الموضوع، فمثل هذا البحث لم يطرق بالبحث والدرس فيما أعلم، ولم أجد من درس وقارن، كما أني لم أجد دراسات مفردة لتلك المدارس، وأغلب ما رأيته مسطورا في هذا الباب دراسات وصفية تهتم بالجمع وتحقيقه دون عناية بالمقارنات،
والموازنات.

الصفحة 18