كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

1 - جدة الموضوع، فمثل هذا البحث لم يطرق بالبحث والدرس فيما أعلم، ولم أجد من درس وقارن، كما أني لم أجد دراسات مفردة لتلك المدارس، وأغلب ما رأيته مسطورا في هذا الباب دراسات وصفية تهتم بالجمع وتحقيقه دون عناية بالمقارنات،
والموازنات.
2 - كثرة الآثار وغزارة المادة العلمية، فقد استدعى البحث (في غير تفسير ابن جرير الطبري) مسحا شاملا لكتب التفسير بالمأثور كتفسير عبد الرزاق، والثوري، وسعيد بن منصور، وابن الجوزي، وابن كثير، والسيوطي وغيرها، ومراجعة كتب علوم القرآن، ومناهج المفسرين، كما أفدت من كتب غريب الحديث، واللغة وغيرها من كتب السنة.
وأتاح لي العمل في البحث أن استقصي كتب التراجم، والسير فقد طالعت كثيرا من التراجم فيها، كما نقبت في كتب العلل ومعرفة الرجال التي أفادتني كثيرا في بيان مسلك بعض الأئمة، ومناهجهم.
3 - طول البحث وتشعبه، فقد أضناني ذلك الكم الهائل من الأقوال والآثار، مما جعلني أتحير في الاختيار والانتقاء.
4 - صعوبة الاستقراء، إذ إن بعض الآثار يكتنفها الغموض، فتحتاج إلى تأمل ونظر، ثم إن بعضها الآخر لطوله، تتداخل فيه العديد من الأنواع.
5 - ومما زاد في صعوبة البحث: كثرة النتائج التي توصلت إليها، والتي قد يوافق الباحث عليها، وقد يخالف، فحرصت على كثرة الاستدلال، وألا أدوّن ملحوظة، أو نتيجة إلا بعد التحري، والاستقراء والمتابعة، وقد انكشف الغطاء عن كثير من مناهجهم بهذه المقارنات، ولاح الفرق بين مسالكهم، فوقفت على حقيقة الأمر في كثير من المسالك، وتذلل ما كان وعرا، وسهل ما كان حزنا، فاستوى المسلك، وانقاد ما صعب من الأمر وتيسر.
وكان من أبرز النتائج التي توصلت إليها:
أولا: تبين لي أن هناك ميلا إلى التخصص في عموم المدارس التفسيرية، وكذا
خصوص الأفراد، أما من حيث العموم فقد تخصصت المدرسة المدنية بالعلم بالسير، والأخبار، ورواية الأحاديث، والسنن وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بين ظهرانيهم، فنقل الصحابة ومن جاء بعدهم كابرا عن كابر ما تعلق به من سيرة وطرائق.

الصفحة 19