كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة، بينما كان البعض من التابعين لا يكتب.
ولعل من الأسباب التي دعت للكتابة أيضا، أن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كثر في عهد التابعين بسبب بداية ظهور الفرق الإسلامية، وبسبب من دخل في الإسلام ممن لا يرجو له وقارا، ولا لأهله استقرارا.
ولذا يقول الإمام الزهري: لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها، ما كتبت حديثا، ولا أذنت في كتابة (¬1).
ثم قال أيضا: يا أهل العراق، يخرج الحديث من عندنا شبرا، ويصير عندكم ذراعا (¬2).
إذن فالتفسير بالمأثور أخذ أول الأمر بطريق الرواية التي اهتم بها كثير من الصحابة، والتابعين، وأما مرحلة التدوين فقد تحرج منها البعض في بداية الأمر، ثم انشرحت صدور الكثير منهم فكتبوا وأمروا بالكتابة، ولعل الذي يعنينا إبرازه في هذه المرحلة والتأكيد عليه، ذلك الدور المهم للتابعين في تدوين ما حفظوه وقالوه، في التفسير خاصة، وفي غيره عامة، في زمن مبكر، مما يؤكد عنايتهم بهذا العلم، وسبقهم في هذا الجانب.
فعن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه فقال ابن عباس: اكتب، حتى سأل عن التفسير كله (¬3).
ولذا يعتبر مجاهد من أول (¬4) من دون أقوال ابن عباس، فأدى بذلك دورا مهما في نشر فكر المدرسة المكية وتخليده، وقد قيل: إن أول التعليقات المفسرة للقرآن هي التي أثبتها مجاهد. وتعتبر تدوينات مجاهد من أقدم مصنفات الجمع (¬5).
وقد عثر على مخطوطة لتفسير مجاهد نسخت في القرن السادس (¬6).
¬__________
(¬1) تقييد العلم (108).
(¬2) تاريخ الإسلام (5/ 143).
(¬3) تفسير الطبري (1/ 90)، ومقدمة في أصول التفسير لابن تيمية (28)، وتقييد العلم (105).
(¬4) تلخيص البيان في مجازات القرآن (1/ 45)، ودراسات في التفسير وأصوله (36).
(¬5) دراسات في التفسير وأصوله (56)، والفهرست (33)، وتاريخ آداب اللغة العربية (1/ 221).
(¬6) بين الشيعة والسنة (67).

الصفحة 36