كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

وفاق غيره من الصحابة في هذا، حتى صار التابعون من المدارس الأخرى يفيدون من قراءته، أكثر من إفادتهم من قراءة أصحابهم، لا سيما ما كان منها في التفسير.

3 - اشتغاله بالفقه والإفتاء:
وكان اشتغاله رحمه الله بالفقه والإفتاء أكثر من تعرضه للقرآن وتأويله، وقد تميز في هذا من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، حتى إن بعض التابعين عدّه من أفقه الصحابة، وفي ذلك يقول عامر الشعبي: ما كان أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أفقه من صاحبنا عبد الله، يعني ابن مسعود (¬1).
ونجد شاهد هذا الاتجاه الفقهي، والميل إلى الإفتاء، في الأثر الذي خلفه فيمن بعده، فكان عامة أصحابه، ومن جاء بعدهم، أكثر شغلهم في الإفتاء، وبيان الأحكام الشرعية، وعند ما نراجع الحديث عن أصحابه نجد أن الأئمة يقدمون الحديث عنهم بقولهم: الذين يفتون ويقرءون، وأحسب أن سبب ذلك، وعلته، أن الكوفة كانت تحتاج إلى بيان الحلال والحرام، وإيضاح كثير من المسائل العلمية العملية أكثر من حاجتها للتفسير.

4 - تقدم وفاته رضي الله عنه:
فقد توفي رضي الله عنه وأرضاه سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح (¬2).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وعمّر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود (¬3)!.
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد (6/ 10).
(¬2) مقدمة في أصول التفسير (97)، والسير (1/ 499).
(¬3) مقدمة في أصول التفسير (97).

الصفحة 469