كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

أصحاب عبد الله:
بعد أن تفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الأمصار، صار لكل واحد منهم مدرسة، وأصحاب، وقد تهيأ لبعض الصحابة تلاميذ أخذوا علمه وحفظوه، ونشروه في حياته، وبعد مماته، وابن مسعود هو أحد الصحب الكرام الذين تيسرت لهم تلك الصفوة من التابعين الذين اتبعوه بإحسان، فكانوا كما وصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بقوله: أصحاب عبد الله سرج هذه القرية (¬1).
ويقول العجلي: ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أنبل صاحبا من ابن مسعود (¬2).
وكان سعيد بن جبير يقول: كان أصحاب عبد الله شيوخ هذه الأمة (¬3).
والكوفة واحدة من المدارس الثلاث التي قام أصحابها بنشر علم شيخهم.
يقول ابن المديني: لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم أحد له أصحاب حفظوا عنه، وقاموا بقوله في الفقه إلا ثلاثة: زيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس (¬4).
ويبين الشعبي رحمه الله الفقهاء من أصحاب عبد الله فيذكر أربعة هم: علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، وشريح، ومسروق (¬5).
ويفصل حالهم الشعبي بقوله: كان علقمة أبطن القوم بابن مسعود، وكان مسروق قد خلط منه، ومن غيره، وكان الربيع بن خثيم أشد القوم اجتهادا، وكان عبيدة يوازي شريحا في العلم، والقضاء (¬6).
¬__________
(¬1) المعرفة (1/ 353).
(¬2) تاريخ الثقات (279)، قلت: وليس قول العجلي هذا ببعيد، فإني لم أجد أحدا يساويهم في عبادتهم وورعهم مع كثرة علمهم وفقههم رحمة الله عليهم.
(¬3) المعرفة (2/ 558).
(¬4) العلل (43)، والمعرفة (1/ 714).
(¬5) السير (4/ 56).
(¬6) المرجع السابق (4/ 55).

الصفحة 470