كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

5 - وفي مقابل ما سبق، فإننا نجد مسروقا أقل التزاما لقول عبد الله من علقمة لاتصاله بمدرسة المدينة، والشام، وغيرهما من الأقطار، فعلقمة لم يجاوز علم شيخه، ومسروق أخذ عن كل من رحل إليه.
ومع هذا فكان محبا لأقوال إمام المدرسة الكوفية رضي الله عنه مقدما لها، وفي هذا يقول: شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم، فوجدت علمهم انتهى إلى ستة: إلى عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت، ثم شاممت الستة، فوجدت علمهم انتهى إلى علي، وعبد الله (¬1).
ويقول أيضا: لقد جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم فوجدتهم كالإخاذ، والإخاذ يروي الرجل، والإخاذ يروي الرجلين، والإخاذ يروي العشرة، والإخاذ يروي المائة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم، فوجدت عبد الله من ذلك الإخاذ (¬2).
وكان يقول: وقد سألت عمر، وعثمان، وعليا، فلما لقيت عبد الله كفاني (¬3).
6 - وكان من المفارقات بينهما، أن مسروقا كان أحرص على إبلاغ ما علمه، وأكثر اهتماما بنشر ما سمعه من علقمة، ولا شك أن لتنقله في البلاد، وكثرة أسفاره الأثر في ظهور هذا الحرص عنده، وكان يقول، لأن أفتي يوما بعدل وحق أحب إلي من أن أغزو في سبيل الله سنة (¬4).
ولذا نجده من أكثر أصحاب عبد الله رواية ودراية في التفسير.
7 - ومما لاحظته أن مسروقا كان أقرب إلى الأثر من علقمة، مما جعل الشعبي صاحب الأثر يقدمه، ويفضله على علقمة، بل إن جلّ المروي عن مسروق جاء من
¬__________
(¬1) المعجم الكبير للطبراني (9/ 96)، وتاريخ أبي زرعة (1/ 647)، والمعرفة (1/ 444).
(¬2) المعرفة (2/ 542)، والعلم لأبي خيثمة (123).
(¬3) العلل لابن المديني (43).
(¬4) تاريخ الإسلام (ح 61هـ / 239).

الصفحة 478