كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

وإن لم يرياه (¬1)، وكان لهما الأثر الكبير في نشر تراث مدرسة الكوفة، وقد تعاصرا وأخذ كل واحد منهما بحظ من علم ابن مسعود وأصحابه رضي الله عن الجميع، ولكن مما ينبغي تسجيله هنا ما لمسته من مفارقات وتباين بينهما في المناهج وأثر ذلك على تفسيرهما لكتاب الله العزيز. فمن أهم ذلك:
1 - أن الشعبي كان أقرب للأثر من النخعي: فقد أدرك الجم الغفير من الصحابة، وسمع من ثمانية وأربعين منهم، وصار من أعلم أهل الكوفة والبصرة والحجاز بالحديث (¬2).
يقول ابن عوف: إن كنا نتذاكر الشيء ما نرى أن فيه أثرا، فيحدثنا الشعبي فيه بحديث (¬3).
ويقول حماد بن زيد: ما كان بالكوفة رجل أوحش ردا للآثار من إبراهيم، وذلك لقلة ما سمع من حديث النبي صلى الله عليه وسلّم، ولا كان بالكوفة رجل أحسن اتباعا، ولا أحسن اقتداء من الشعبي، وذلك كثرة ما سمع (¬4)، ولقد كان يعد الشعبي صاحب آثار، والنخعي صاحب قياس (¬5).
وكانت طريقة فقهاء الرأي مبغضة له ولم يرتضها (¬6)، وكان الأئمة يصنفون الشعبي مع علماء الأثر، وفي ذلك يقول ابن المديني: كان الشعبي، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله والزهري أمرهم واحد (¬7).
¬__________
(¬1) السنن الكبرى للبيهقي (6/ 255).
(¬2) تاريخ دمشق (8/ 696).
(¬3) أخبار القضاة (2/ 422).
(¬4) تاريخ دمشق (8/ 697)، والفتح (4/ 39، 410).
(¬5) الحلية (4/ 320)، والتذكرة (1/ 82).
(¬6) أبو حنيفة حياته وعصره لأبي زهرة (68).
(¬7) المعرفة (3/ 17).

الصفحة 486