كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

كانت أكثر من صلته بمسروق، وأما الشعبي فكانت صلته بمسروق أكثر، وهذا من العوامل التي جعلت إبراهيم أكثر تقليدا لابن مسعود لأن علقمة كان أكثر عناية واهتماما بآثار ابن مسعود من مسروق، والنخعي لم يسمع من مسروق شيئا (¬1).
وكما سبق أن أشرنا فإن مسروقا كان ممن أخذ عن ابن مسعود، وعلي، وأهل المدينة، في حين اقتصر علقمة، وبعده إبراهيم على علم ابن مسعود وأصحابه، فتبين من ذلك تعدد مصادر الشعبي بخلاف حال إبراهيم النخعي.
يقول الشعبي في وصف أصحاب عبد الله: كان علقمة أعلمهم، وكان عبيدة يوازي شريحا في الفتوى والقضاء، وكان مسروق أطلبهم للعلم (¬2).
3 - إذا كانا قد اهتما ببيان آيات الأحكام، واعتنيا كلاهما بما ورد فيها من مسائل فقهية، فإن اهتمام إبراهيم بذلك كان أكثر، وكان في مجال الاستنباط أفقه من الشعبي، وقد شهد له بذلك الشعبي نفسه، فلما بلغه موت إبراهيم قال: إنه نشأ في أهل بيت فقه، فأخذ فقههم، ثم جالسنا فأخذ صفوة حديثنا إلى فقه أهل بيته فمن كان مثله (¬3)؟!.
يقول الإمام الذهبي: فأفقه أهل الكوفة علي، وابن مسعود، وأفقه أصحابهما علقمة، وأفقه أصحابه إبراهيم، وأفقه أصحاب إبراهيم حماد (¬4).
ونجد شاهد هذا في كتب التفسير (¬5)، والفقه (¬6)، فقد كانت عناية إبراهيم أكثر من
¬__________
(¬1) جامع التحصيل (142)، والميزان (1/ 75).
(¬2) تاريخ أبي زرعة (1/ 651)، وطبقات الحفاظ (14).
(¬3) العلم لأبي خيثمة (116)، والحلية (4/ 221)، وتاريخ ابن معين (2/ 413).
(¬4) السير (5/ 236).
(¬5) رأينا فيما سبق أن ما نسبته (38، 0) من مجموع تفسير إبراهيم كان حول آيات الأحكام وما يرد من مسائل فقهية، في حين بلغ نسبة هذا عند الشعبي (23، 0) من مجموع تفسيره.
(¬6) رجعت إلى المغني لابن قدامة، فكان المروي عن إبراهيم (696) قولا، في حين بلغ عن عامر الشعبي (501) قول.

الصفحة 489