الشعبي في استنباط الأحكام الفقهية.
وكان الكوفيون يتذاكرون العلم، ومسائل الفقه، فإذا جاءت الفتوى ليس عندهم فيها دليل، أحالوها لإبراهيم، يقول إسماعيل بن أبي خالد: كان الشعبي وأبو الضحى، وإبراهيم، وأصحابنا، يجتمعون في المسجد فيتذاكرون الحديث، فإذا جاءتهم فتيا ليس عندهم فيها شيء رموا بأبصارهم إلى إبراهيم النخعي (¬1).
وأحسب أن مما منع الشعبي في كثير من الأحيان من التحدث والإفتاء بالإضافة لما سبق الورع.
فعن ابن عون قال: ذكر الشعبي وإبراهيم فقال: كان إبراهيم يسكت فإذا جاءت الفتيا انبرى لها، وكان الشعبي يتحدث، ويذكر الشعر، وغير ذلك، فإذا جاءت الفتيا أمسك (¬2).
وعن ابن عون قال: كان الشعبي إذا جاءه شيء اتقى، وكان إبراهيم يقول ويقول ويقول (¬3).
4 - ومن أوجه الاختلاف بينهما أن الشعبي كان أطول باعا في علوم العربية من النخعي، بل هو من أكثر الكوفيين استخداما للغريب والشعر (¬4)، فكان من أفصحهم في ذلك، ولذلك قيل: أربعة لم يلحنوا في جد ولا هزل، وذكر منهم الشعبي (¬5).
وأما إبراهيم فكان كثير اللحن، وفي ذلك يقول عاصم بن أبي بهدلة: كان إبراهيم
¬__________
(¬1) الحلية (4/ 221)، والجرح (2/ 144)، وتاريخ ابن معين (2/ 17).
(¬2) تاريخ دمشق (8/ 697).
(¬3) سنن الدارمي (1/ 52)، وتاريخ دمشق (8/ 697)، والتذكرة (1/ 85).
(¬4) سبق الإشارة إلى ذلك وتفصيله في أهم خصائص تفسير الشعبي في ترجمته ص (329).
(¬5) تاريخ الخلفاء (206).