كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

يلزمونك فيحيون علمك (¬1).
وكانا إذا اجتمع الشعبي وإبراهيم سكت إبراهيم (¬2).
وخلاصة القول: إن اهتمام الشعبي، وعنايته بالتفسير كانت أكثر من عناية صاحبه، ويدلك على هذا ما ذكرناه آنفا من مفارقات، ومقارنات بين نصيب كل واحد منهما من روايات في التأويل، أو نصيب كل واحد منهما من العلوم ذات الصلة المباشرة بالتفسير، كعلم أسباب النزول وغيره. كل هذا يجعلنا نقدم الشعبي على النخعي في علم التأويل، بل إنه لولا الورع الذي لازمه، ومنعه من التقدم أكثر في هذا العلم، لكان له شأن في مدرسة الكوفة وغيرها. والله أعلم.

أسباب قلة المروي عن المدرسة في التفسير:
لعل من أهم أسباب إقلال هذه المدرسة ما يلي:

1 - الهيبة والورع في التفسير:
وهذا من أبرز الأسباب التي كانت وراء إقلال المدرسة، وقد كان لتربية ابن مسعود لأصحابه الأثر البالغ في تحذيرهم من الخوض في التفسير، وحثهم على الإقلال من القول فيه ما أمكن، وقد سبق الإشارة إلى طرف من أحواله رضي الله عنه في هذا (¬3).
وكان لهذه التربية وهذا المنهج أثر كبير على أصحابه الملازمين له والذين صحبوه وأخذوا عنه مباشرة، وكانوا من أقل التابعين على الإطلاق نتاجا في التفسير (¬4)، وكان دور بعضهم يقتصر في أحسن أحواله على الرواية عن شيخه ابن مسعود رضي الله عنه
¬__________
(¬1) السير (4/ 526)، وطبقات ابن سعد (6/ 284)، وتاريخ الإسلام (ح 96هـ / 282).
(¬2) السير (4/ 303)، والتذكرة (1/ 82).
(¬3) ينظر ص (511).
(¬4) المروي عن مسروق، وعلقمة، ومرة، والحارث، قليل جدا. فقد رجعت لتفسير ابن كثير فلم أجد إلا (65) قولا لهم جميعا.

الصفحة 492