فعن عاصم العدوي قال: سألت الشعبي عن حديث فحدثنيه، فقلت: إنه يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم؟ فقال: لا، على من دون النبي صلى الله عليه وسلّم أحب إلينا. فإن كان فيه زيادة أو نقصان كان على من دون النبي صلى الله عليه وسلّم (¬1).
وقيل لإبراهيم النخعي: يا أبا عمران، أما بلغك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم تحدثنا؟
قال: بلى، ولكن أقول: قال عمر، وقال عبد الله، وقال علقمة، وقال الأسود، أجد ذلك أهون عليّ (¬2).
وعامر الشعبي كان أكثر حديثا من الحسن (¬3)، ولكن الحسن كان أسهل منه في التحديث لأنه كان يأخذ عن كل أحد، ولذا كثرت الروايات عن الحسن فكان الشعبي يغلظ عليه في الإنكار بقوله: لو لقيت هذا الكبش يعني الحسن لنهيته عن قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال: صحبت ابن عمر ستة أشهر، فلم أسمعه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلا في حديث واحد (¬4).
وكان من نتاج هذا الورع أن كان الأئمة من مدرسة الكوفة من أشد التابعين تمحيصا للروايات، فكان الشعبي من أول من زكى وجرح عند انقراض عصر الصحابة (¬5).
وكان إبراهيم النخعي يعد صريفا للحديث لكثرة ما كان يرد (¬6).
ونتج عن تلك الحيطة والحذر في الرواية، أن عد الأئمة مراسيلهم من أصح المراسيل لأنهم يتشددون في قبول الرواة.
¬__________
(¬1) سنن الدارمي (1/ 83)، والسير (4/ 307).
(¬2) طبقات ابن سعد (6/ 272)، ورواه الدارمي في سننه بلفظ مقارب (1/ 83).
(¬3) السير (4/ 312).
(¬4) العلل لأحمد (2/ 198) 1999.
(¬5) قول من يعتمد في الجرح والتعديل (159).
(¬6) طبقات علماء الحديث (1/ 146)، والسير (4/ 521)، وطبقات الحفاظ (29).