فهذا ابن معين يصحح مراسيل إبراهيم، ويعتبرها أصح من مراسيل سعيد بن المسيب، ويفضلها على مراسيل القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر (¬1).
وقال العجلي: مرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحا (¬2).
والكوفة كانت أسبق من البصرة في إسناد الأخبار، فعن حماد بن سلمة قال: كنا نأتي قتادة فيقول: بلغنا عن النبي عليه السلام، وبلغنا عن عمر، وبلغنا عن علي، ولا يكاد يسند، فلما قدم حماد بن أبي سليمان (¬3) البصرة، جعل يقول: حدثنا إبراهيم، وفلان، وفلان، فبلغ قتادة ذلك، فجعل يقول: سألت مطرفا، وسألت سعيد بن المسيب، وحدثنا أنس بن مالك، فأخبرنا بالإسناد (¬4).
3 - كراهية الكتابة:
كتابة العلم، وتدوين الحديث، والتفسير، وغيرها من فروع العلم، كانت من المسائل التي كرهها بعض السلف، وأجازها آخرون.
وكان الكوفيون من أكثر المدارس كراهية للكتابة (¬5)، خشية أن تشبه بالمصاحف، فحين بلغ ابن مسعود رضي الله عنه أن عند أناس كتابا يعجبون به، لم يزل بهم حتى أتوه به فمحاه، ثم قال: إنما هلك أهل الكتاب قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم وتركوا كتاب ربهم (¬6).
¬__________
(¬1) معرفة الرجال (1/ 120)، والنكت على ابن الصلاح (2/ 555).
(¬2) تاريخ الثقات (244)، والتهذيب (5/ 68).
(¬3) قال الذهبي: حماد بن أبي سليمان معدود في صغار التابعين، تفقه بإبراهيم وهو من أصحابه، السير (5/ 231).
(¬4) طبقات ابن سعد (7/ 231)، والمعرفة (2/ 282).
(¬5) قارن حالهم بالمكيين، أو البصريين، أو المدنيين، مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء، وغيرهم، كلهم كتبوا، أو أمروا بالكتابة.
(¬6) سنن الدارمي (1/ 122)، المصنف لابن أبي شيبة (9/ 53) 6498، وتقييد العلم (56).