كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

بل كان رضي الله عنه يقول: إن ناسا يسمعون كلامي، ثم ينطلقون فيكتبونه، وإني لا أحل لأحد أن يكتب إلا كتاب الله (¬1).
وقد تأثر أصحابه به، فكان عبيدة السلماني ينهى أن يخلد بعده كتابا (¬2)، بل دعا بكتبه فمحاها عند الموت (¬3).
وكان إبراهيم النخعي يكره الكتابة وينهى عنها (¬4)، ويخشى أن يشبه بالمصاحف (¬5)، وأن يتكل عليه كاتبه (¬6)، بل صرح رحمه الله أن من أسباب ضبط سالم بن أبي جعفر، وأنه أتم حديثا منه، كتابته (¬7).

4 - اشتغال المدرسة بالفقه، والإفتاء:
مدرسة الكوفة من أكثر المدارس عناية، واهتماما بمعرفة الأحكام الشرعية، وقد اتضح هذا في تفسيرهم، فإننا نجد المشاهير منهم كإبراهيم النخعي من أكثر التابعين على الإطلاق عناية بآيات الأحكام (¬8)، وقاربه في ذلك عامر الشعبي (¬9).
وقد نزل بالكوفة جمع من الصحابة، وحظيت بالفقهاء والقضاة، قال مسروق:
كان القضاء في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ستة عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبي موسى الأشعري، فكان نصفهم لأهل الكوفة: علي،
¬__________
(¬1) سنن الدارمي (1/ 124).
(¬2) سنن الدارمي (1/ 120)، وتاريخ أبي زرعة (1/ 655)، وتقييد العلم (46).
(¬3) سنن الدارمي (1/ 121)، وعلل أحمد (1/ 215) 240.
(¬4) سنن الدارمي (1/ 120)، والعلل لأحمد (1/ 217) 248، وتقييد العلم (48).
(¬5) سنن الدارمي (1/ 121).
(¬6) طبقات ابن سعد (6/ 271)، والسير (4/ 522).
(¬7) معرفة الرجال لابن معين (2/ 25)، والمحدث الفاصل (374).
(¬8) بلغ نسبة تعرضه لآيات الأحكام (38، 0) من مجموع تفسيره.
(¬9) بلغ نسبة تعرضه لآيات الأحكام (23، 0) من مجموع تفسيره.

الصفحة 499