كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

قال ابن القيم: وهذا من كمال علمه، وفقهه رضي الله عنه فإن لم يجد في المسألة غير قول عطاء كان عنده أقوى ما وجد في المسألة، ونجده يقول عند بعض المسائل: وهذا يخرج على قول عطاء (¬1).
وأما مالك، فإنه لم يصرح باتباع قول التابعي على أنه حجة، ولكن رأيناه في الموطأ كثيرا ما يروي عن التابعين أقوالا، ويأخذ بها (¬2).
وأما أحمد فيأخذ بقول التابعي في رواية، كما يأخذ بقول الصحابي إذا لم يكن هناك قول الصحابي، وإذا اختلف التابعون لم يوازن بين أقوالهم ويتخير فيها، بل يكون قول كل تابعي عنده حجة، ويكون الاختلاف بينهم اختلافا في مذهبه (¬3).
وقد ذكر الدهلوي في بيان الفرق بين أهل الحديث، وأصحاب الرأي، أن المحدثين إذا فرغوا جهدهم في تتبع الأحاديث، ولم يجدوا في المسألة حديثا، أخذوا بأقوال جماعة من الصحابة، والتابعين (¬4).
يقول ابن تيمية: من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم، إلى ما يخالف ذلك، كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه (¬5).
هذا في جانب القول بعامة، وأما في جانب التفسير، فقد درج كثير من المفسرين على الاستشهاد بأقوال التابعين، وجاءت روايات كثيرة لا يحصيها العد، ذكر منها ابن جرير في تفسيره كثرة كاثرة، والسيوطي في الدر، والبغوي، وابن كثير، وغيرهم (¬6).
ولذا ذهب أكثر المفسرين إلى أنه يؤخذ بقول التابعي في التفسير لأنهم نقلوا غالب
¬__________
(¬1) أعلام الموقعين (1/ 20).
(¬2) تاريخ المذاهب الفقهية (84)، وكتاب مالك حياته، وعصره، لأبي زهرة (268).
(¬3) تاريخ المذاهب الفقهية (84).
(¬4) الحجة البالغة (1/ 118).
(¬5) مقدمة في أصول التفسير (91).
(¬6) الإسرائيليات لأبي شهبة (57)، وسيأتي تفصيله في الفصل التالي ص (8060).

الصفحة 50