وأما مجاهد فإنه تأثر بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه وكان يتحسر على ما فاته منها ويقول: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن ما سألت (¬1).
وكان مجاهد يقول: ما رأيت مسجدا أحرى أن نسمع فيه علما لم نسمعه من مسجد الكوفة (¬2).
وقد تأثر رحمه الله بقراءة ابن مسعود، فكان يرجح بعض المعاني بها، ويقدمها على غيرها، فمن ذلك ما جاء عند قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} (¬3)، قال: هي خطأ من الكاتب، وهي في قراءة ابن مسعود: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) (¬4).
وعند قوله سبحانه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬5). قال: في قراءة عبد الله:
(فصيام ثلاثة أيام متتابعات) (¬6).
وعند قوله تعالى: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} (¬7) قال: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيناه في قراءة ابن مسعود: (أو يكون لك بيت من ذهب) (¬8).
¬__________
(¬1) سنن الترمذي، كتاب التفسير، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه (5/ 200).
(¬2) تاريخ أبي زرعة (2/ 678).
(¬3) سورة آل عمران: آية (81).
(¬4) تفسير الطبري (6/ 553) 7323، 7324، وزاد المسير (2/ 415)، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه إلى عبد بن حميد، والفرياني، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد به (2/ 25)، وسوف يأتي مزيد بحث لهذه المسألة عند الحديث عن منهجهم في القراءات ص (748).
(¬5) سورة المائدة: آية (89).
(¬6) تفسير الطبري (10/ 560) 12499، وزاد المسير (2/ 415).
(¬7) سورة الإسراء: آية (93).
(¬8) تفسير الطبري (15/ 163)، وتفسير عبد الرزاق (2/ 390)، وزاد المسير (5/ 88).