وعند قوله تبارك وتعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (¬1) قال: كنا نرى أن قوله:
{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} شيء هين، حتى سمعت قراءة ابن مسعود: (إن تتوبا إلى الله فقد زاغت قلوبكما) (¬2).
ومجاهد قد نقل عن ابن مسعود في تفسيره شيئا من الآثار، معظمها في علم القراءة (¬3).
أثرها على المدرسة البصرية:
مع التقارب المكاني بين الكوفة، والبصرة، إلا أن الأثر الكوفي على البصرة كان قليلا، مقارنة بالأثر المدني عليها، وإن كان من أثر يذكر على مفسري البصرة، فقد كان ذلك في نقل بعضهم لقراءة ابن مسعود، والإفادة منها في تفسيره، فإن قتادة استفاد من قراءة ابن مسعود وروى شيئا من ذلك (¬4).
فعند قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} (¬5)، قال قتادة:
(درست) قرأت، وفي حرف ابن مسعود (درس) (¬6).
¬__________
(¬1) سورة التحريم: آية (4).
(¬2) تفسير الطبري (28/ 161)، وزاد المسير (8/ 310).
(¬3) سبق بيان ذلك في ترجمة مجاهد عند الحديث عن تعدد مصادره ص (126)، ومما ينبغي الإشارة إليه أنه بعد التتبع لأقوال مجاهد، وجدته يعتمد على أقوال الصحابة في بعض الآثار، إلا أن اعتماده على ابن مسعود لم أجده إلا في أثر واحد، ينظر تفسير الطبري (30/ 273).
في حين كانت عنايته أكثر بقراءة ابن مسعود، مما يدل على أهمية قراءة ابن مسعود بين التابعين، وأثرها في بيان كثير من المعاني التفسيرية.
(¬4) بعد مراجعتي لتفسير ابن مسعود عند الطبري، وجدت أن قتادة روى عنه سبع عشرة رواية، ست عشرة منها في القراءات.
(¬5) سورة الأنعام: آية (105).
(¬6) تفسير الطبري (12/ 30) 13730، وينظر زاد المسير (3/ 101)، وفتح القدير (2/ 150).