كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

المبحث الرابع مدرسة المدينة
كانت المدينة دار الهجرة، ومركز الخلافة، ومقر كبار الصحابة، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم بعد رجوعه من حنين ترك بها اثني عشر ألفا من الصحابة، مات بها عشرة آلاف، وتفرق ألفان في سائر أقطار الإسلام (¬1).
فكانت مهد السنن، وموطن الفتاوى المأثورة، يتلقى فيها حديث المصطفى صلى الله عليه وسلّم وتؤخذ منها آثار الصحابة، فأصبحت من أكثر المدارس اشتغالا بالمغازي والسير، والسنن والآثار، فصارت السنة شعار أهلها، والحديث وروايته محط اهتمام أصحابها.
يقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: إذا رأيت أهل المدينة على شيء فاعلم أنه السنة (¬2).
وفي مقابل هذه الحال فقد كانت من أقل المدارس اشتغالا بالتفسير (¬3)، ومن أكثرها هيبة وتعظيما له، فقلّ نتاجها، وسبقها غيرها.
وأشهر من تفرغ في المدينة للحياة العلمية زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقد استبقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة، فكثر أصحابه، يقول ابن عمر
¬__________
(¬1) الفكر السامي (1/ 311).
(¬2) المعرفة والتاريخ (1/ 438).
(¬3) بلغ نسبة ما روي عنها ما يقارب (02، 0) من مجموع التفسير المروي عن مشاهير مفسري التابعين، في حين كان عن المدرسة المكية (46، 0)، وعن البصرية (38، 0)، وعن الكوفية (14، 0).

الصفحة 505