شهر (¬1).
وقد نال رحمه الله شرف جمع المصحف حين عهد إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بذلك، وقد استدعاه أبو بكر رضي الله عنه وقال له: إنك شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فتتبع القرآن فاجمعه، فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟! قال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك (¬2)، وكذا نال شرف نسخه في عهد عثمان رضي الله عنه فعن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية، وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك.
فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد ابن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا (¬3).
¬__________
(¬1) مسند أحمد (5/ 186)، وسنن أبي داود، كتاب العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب، (3/ 318) 3645، وسنن الترمذي، كتاب الاستئذان، باب ما جاء في تعليم السريانية، (5/ 67) 2715، والمعجم الكبير للطبراني (5/ 133) 4856، 4857، والمستدرك للحاكم، وصححه (1/ 75).
(¬2) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن، ينظر الفتح (9/ 10) 4986، ومسند أحمد (5/ 188)، وفضائل الصحابة للنسائي (165)، وفضائل القرآن للنسائي (63)، والمصاحف لأبي داود (12).
(¬3) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن، ينظر الفتح (9/ 11)، 4987، وفضائل القرآن للنسائي (57).