كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

تفسيراتهم عن الصحابة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا لم تجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين (¬1).
وقد ذكر الزركشي طرق التفسير الأربع: النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الصحابة، ثم أورد عند ذلك مسألة الرجوع إلى أقوال التابعين، وحكى الخلاف فيه، وذكر أقوال بعض المانعين، ثم قال: لكن عمل المفسرين على خلافه، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم كابن جبير، ومجاهد، وقتادة (¬2).
وذكر ابن الأنباري أن من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله (¬3).
ومن الضوابط التي أشار إليها المفسرون، وينبغي للمتعرض لتفسير القرآن مراعاتها: عدم التسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع، والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن، وما فيه من الألفاظ المبهمة.
وفي هذا يقول القرطبي: فمن لم يحكم ظاهر التفسير، وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه، ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي والعقل، والسماع لا بد له منه في ظاهر التفسير أولا، ليتقي به مواضع الغلط. ثم قال رحمه الله: والغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع كثيرة ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر. ألا ترى أن قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} (¬4)، معناه: آية مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها، فالناظر إلى ظاهر العربية يظن أن المراد به أن الناقة كانت مبصرة (¬5).
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى (13/ 368)، وتفسير ابن كثير (1/ 15).
(¬2) البرهان (2/ 158)، والإتقان (2/ 229)، وتفسير القاسمي (1/ 8).
(¬3) تفسير القرطبي (1/ 25).
(¬4) سورة الإسراء: آية (59).
(¬5) تفسير القرطبي (1/ 26)، وهذا المعنى مروي عن مجاهد، وقتادة، في تفسير هذه الآية، ينظر تفسير الطبري (15/ 109)، والدر المنثور (5/ 307).

الصفحة 51