والريادة في علم الأثر والدراية، فأثرت بذلك على كثير من مدارس التابعين.
أثرها على البصرة:
كانت البصرة من أكثر المدارس تأثرا بالمدينة، وكان بينهما من التواصل والترابط ما جعل إمام البصرة الحسن البصري يرسل بالمسائل المشكلة إلى إمام التابعين بالمدينة سعيد ابن المسيب.
فعن علي بن زيد قال: كنت إذا خرجت إلى مكة قال لي الحسن: سل سعيدا عن كذا، وسل لي سعيدا عن كذا يعني: سعيد بن المسيب (¬1).
ويقول قتادة: ما جمعت علم الحسن إلى علم أحد من العلماء، إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه كان إذا أشكل عليه شيء، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله (¬2).
ولذا قلّ ما كان الحسن وسعيد يختلفان في الفتيا (¬3).
وكان الحسن لا يدع شيئا من فعله لقول أحد حتى يقولوا: إن سعيد بن المسيب قد قال خلافه فيأخذ به، ويدع قوله (¬4).
والحسن قد نشأ في سني عمره الأولى في المدينة، ولذا نجد أثر هذه النشأة في تفسيره، فكان يستدل بلغتهم في تفسيره، فمن ذلك ما جاء عنه عند تأويل قوله تعالى:
{قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} (¬5)، قال: بطنها حبا، وأهل المدينة يقولون ذلك (¬6).
¬__________
(¬1) العلل لأحمد (3/ 321) 5429.
(¬2) التذكرة (1/ 55)، والتهذيب (4/ 86)، ومرآة الجنان (1/ 214).
(¬3) تهذيب الكمال (6/ 108).
(¬4) أنساب القرشيين (1/ 396)، والمنتظم (6/ 320).
(¬5) سورة يوسف: آية (30).
(¬6) تفسير الطبري (16/ 64) 19148، وأورده السيوطي في الدر، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم وابن المنذر، وأبي الشيخ، عن الحسن بنحوه (4/ 528).