وعند تفسير قوله سبحانه: {مُتَّكِئِينَ عَلى َ رَفْرَفٍ خُضْرٍ} (¬1) قال: هي البسط، أهل المدينة يقولون: هي البسط (¬2).
ولما رأى قتادة ذاك التأثر والتقدير من شيخه لأئمة التابعين في المدينة لا سيما سعيد، حرص على السفر للمدينة، والأخذ عنهم، فرحل إلى سعيد، فجعل يسأله أياما، وأكثر من المسألة، فقال سعيد: أكل ما سألتني عنه تحفظه؟ قال: نعم سألتك عن كذا، فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا، فقلت فيه كذا، حتى رد عليه حديثا كثيرا، فقال سعيد: ما كنت أظن أن الله تعالى خلق مثلك (¬3).
وكان يقول: ما أتاني عراقي أحفظ منك.
ولما رأى قتادة الحسن يرسل إليه في مسائل من العلم مشكلة تأثر به في الجانب الفقهي أكثر من تأثره بشيخه الحسن، وقد عني بنقل تفسيره أكثر من عناية المدنيين بذلك (¬4)، ونشر علمه، وفتواه في البصرة، وكان جل ما أخذ عنه في التفسير هو ما ورد في تفسير آيات الأحكام (¬5).
وقد تأثر به قتادة في هذا فتوسع في القول بنسخ كثير من الآيات (¬6)، بل إنه نقل
¬__________
(¬1) سورة الرحمن: آية (76).
(¬2) تفسير الطبري (27/ 163)، وفتح القدير (5/ 145).
(¬3) كتاب الحث على الحفظ وذكر كبار الحفاظ (105).
(¬4) كان قتادة من أكثر الناقلين لتفسير سعيد بن المسيب، حيث روى ما نسبته (37، 0) من مجموع تفسيره، في حين تلاه يحيى بن سعيد حيث روى ما نسبته (16، 0) من مجموع تفسيره.
(¬5) وبمراجعة تفسير سعيد، وجدت أن (56، 0) من تفسيره لآيات الأحكام كان من رواية قتادة، ينظر تفسير الطبري الآثار ذوات الأرقام: 4522، 4626، 4628، 4646، 5092، 5217، 5218، 5266، 5338، 5339، 5343، 11223، 11284، 11309، 11310، 12744، (18/ 78)، (18/ 79)، (28/ 9)، (28/ 10).
(¬6) يعد سعيد بن المسيب وقتادة من أكثر التابعين توسعا في النسخ، ويأتي لذلك مزيد بحث في فصل أثرهم في أصول التفسير ص (1081).