كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

يكتب إلى سعيد في علمه (¬1)، ويركب إليه في المسألة (¬2)، وكان معظما له جدا حتى قال: ما كان في المدينة عالم يأتيني بعلمه إلا وأوتى بما عند سعيد بن المسيب (¬3).
فلما استخلف عمر بن عبد العزيز حمل معه علم سعيد إلى الشام، بل وكان معه عدة من علماء المدينة، فكان معه سالم بن عبد الله، وأبو قلابة ومحمد بن كعب، وعراك بن مالك (¬4)، وابن شهاب (¬5)، وكان معه أيضا وزير الخلفاء رجاء بن حيوة الذي كان مكحول إذا سئل يقول: سلوا شيخنا وسيدنا رجاء بن حيوة (¬6). إلا أنه كان قليل الحديث والرواية لانشغاله بالوزارة، وتشدده حتى عدّ من أكف ثلاثة عن الحديث، مع فضلهم (¬7).
ورحل إلى عمر بن عبد العزيز، زيد بن أسلم (¬8)، وكل هؤلاء ممن نشر علم المدينة بالشام.
لقد أدرك علماء الشام فضل علم المدنيين، فأخذوا ينهلون من علومهم، فها هو مكحول يرحل ليطلب علم المدينة، ويبقى بها حتى سمع من جل علمائها، يقول مكحول: قدمت المدينة، فما خرجت منها حتى ظننت أنه ليس بها من علم إلا وقد سمعته (¬9).
¬__________
(¬1) تاريخ أبي زرعة (1/ 404، 518).
(¬2) تاريخ أبي زرعة (1/ 405).
(¬3) المنتظم (6/ 321).
(¬4) تاريخ أبي زرعة (1/ 421)، (2/ 714).
(¬5) سيأتي بيان دور ابن شهاب في اتصال الشام والمدينة بشيء من التفصيل.
(¬6) البداية والنهاية (9/ 315).
(¬7) المعرفة (2/ 368)، والسير (4/ 609).
(¬8) بغية الطلب (9/ 3990).
(¬9) العلم لأبي خيثمة (118)، وطبقات ابن سعد (7/ 453).

الصفحة 529