والزهري يعد من أبرز التابعين الذين بثوا علم المدينة في الشام، فهو يقول عن نفسه: اختلفت من الحجاز إلى الشام، ومن الشام إلى الحجاز خمسا وأربعين سنة ما استطرقت حديثا واحدا، وقال أيضا: ما وجدت أحدا يفيدني في ترددي إلى الشام (¬1).
وهذا يعني أنه نقل علم المدينة إلى الشام، ولم يجد زيادة علم بالشام حتى ينقله للمدينة.
وقد انتفع أهل العلم بالشام والمدينة بعلومه، ولذا لقب بعالم الشام والحجاز (¬2).
قال عنه الذهبي: المدني نزيل الشام (¬3).
وكان الزهري مع مكحول كفرسي رهان بالشام، وإن كان مكحول أكثر اشتغالا بالفقه من الزهري، والزهري أعلم منه بالحديث والسير (¬4).
ولتقاربهما وإمامتهما في مكان وزمان واحد جمعت أقوالهما، وصنفت كتب في اختلافهما (¬5).
وكان مكحول يعرف له فضله، ويقدمه ولا يتقدم عليه، ولما سئل: من أعلم الناس؟ قال: ابن شهاب (¬6).
وقد نقل عن الزهري روايات عديدة في التفسير كان أكثر من ثلثها في تفسير آيات
¬__________
(¬1) تاريخ أبي زرعة (1/ 409).
(¬2) التهذيب (9/ 445).
(¬3) السير (5/ 326).
(¬4) تاريخ أبي زرعة (1/ 245)، وطبقات علماء الحديث (1/ 180)، والعلل لأحمد (1/ 184) 150.
(¬5) ينظر مقدمة كتاب الزهري لابن عساكر (19)، وهي ترجمة مأخوذة من تاريخ دمشق، طبعت بتحقيق د. شكر الله بن نعمة الله قوجاني، مؤسسة الرسالة 1982م.
(¬6) تاريخ أبي زرعة (1/ 411)، وقد أفاض ابن عساكر في ترجمة الزهري في تاريخ دمشق.