كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

على الخواص (¬1)، ولم يسمع طاوس من معاذ بن جبل، لتقدم وفاته بالشام (¬2)، وقد اشتغل طاوس بالفقه والإفتاء، وغلب ذلك عليه حتى برع فيه، وفاق أقرانه.
يقول خصيف بن عبد الرحمن وهو يعدد فضائل التابعين: كان أعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأعلمهم بالحلال والحرام طاوس، وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير (¬3).
وقد كان هذا الفقه واضحا فيما نقل عنه من تفسير، فقد كان جل المروي عنه على قلته في بيان آيات الأحكام (¬4)، وكان شديد التأثر بتفسير ابن عباس لملازمته له، فقد كان كثير الترداد على مكة إذ حج ما يزيد على أربعين حجة (¬5)، وقد غلبه الورع مع كثرة علمه، وشمل ورعه الحديث والتفسير، فكان يعد الحديث حرفا حرفا (¬6)، حتى قال عنه قيس بن سعد لأحد البصريين: كان طاوس فينا مثل ابن سيرين فيكم (¬7).
وكان ابن سيرين معروفا بالورع، وأنه لا يروي بالمعنى (¬8).
¬__________
(¬1) المحدث الفاصل (569)، والسير (5/ 46).
(¬2) علل ابن المديني (288)، والفتح (3/ 312)، (11/ 32)، وقد توفي معاذ في طاعون عمواس سنة 17هـ.
(¬3) تاريخ أبي زرعة (1/ 515)، ووفيات الأعيان (2/ 372)، ومرآة الجنان (1/ 225).
(¬4) بعد مراجعتي لتفسير ابن كثير كله، وجدت المروي عن طاوس (58) قولا في التفسير، منها (31) قولا في تفسير آيات الأحكام في سورتي البقرة والنساء.
وقد راجعت تفسير القرطبي فوجدت المنقول عنه حتى نهاية سورة آل عمران (51) قولا، منها (45) في بيان آيات الأحكام، أي ما يزيد عن (87، 0) من مجموع تفسيره كان في بيان آيات الأحكام، واتضحت لي عنايته بالحلال والحرام عند مراجعة كتب الفقه، فقد سبق عامة أصحاب ابن عباس في عدد المنقول عنه، ففي المغني لابن قدامة نقل عنه (322) قولا، في حين كان المنقول عن مجاهد (257)، وعن ابن جبير (212)، وعن عكرمة (144) قولا فقط.
(¬5) العلل لأحمد (2/ 463) 305، والمعرفة (1/ 706).
(¬6) المحدث الفاصل (539)، وطبقات ابن سعد (5/ 541)، والمعرفة (1/ 706).
(¬7) طبقات ابن سعد (5/ 541)، المعرفة (1/ 709).
(¬8) سبق تفصيل ذلك في المقارنة بينه وبين الحسن، ص (432).

الصفحة 537